«شعار المتحف المصري الكبير».. حكاية بصرية تجسد الحضارة المصرية في رمز خالد

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

«شعار المتحف المصري الكبير».. حكاية بصرية تجسد الحضارة المصرية في رمز خالد

في إطار الاستعداد للافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، الذي يُعد أحد أهم المشروعات الثقافية في تاريخ مصر الحديث، يبرز الشعار الرسمي للمتحف كأيقونة فريدة تمزج بين الفن والهندسة وروح الحضارة المصرية القديمة، ليحمل في تفاصيله قصة هذا الصرح الذي يجمع بين الماضي العريق والمستقبل المشرق.

لم يُصمم شعار المتحف المصري الكبير ليكون مجرد علامة تعريفية تُزين واجهات المباني أو أوراق المراسلات، بل جاء كرمز يُجسد هوية المكان ذاته. فكل خط وزاوية في التصميم مستوحاة من هندسة الأهرامات واتجاهات الضوء على هضبة الجيزة، لتشكل معًا رؤية بصرية تربط الإنسان بالتاريخ، والخلود بالحضارة.

يمثل الشعار رؤية معمارية مستلهمة من فكرة المتحف ذاته الذي شُيّد ليحكي قصة مصر منذ فجر التاريخ حتى الحاضر. وقد جرى تصميمه بطريقة تعكس شعاع الشمس الممتد من قمم الأهرامات الثلاثة، ليُعيد إلى الأذهان العلاقة الأبدية بين المصري القديم والطبيعة، حيث كان الضوء والظل جزءًا من فلسفته في الخلود.

هذا الشعار الذي تجاوز كونه تصميمًا هندسيًا إلى رمز وطني، أصبح جزءًا من الذاكرة البصرية للمصريين والعالم، الأمر الذي دفع الدولة إلى تخليده على عملة تذكارية من الذهب والفضة، تُظهر على وجهها شعار المتحف بجوار تمثال الملك رمسيس الثاني، في دلالة على استمرارية الحضارة المصرية وقدرتها على الإبداع والتجديد في كل عصر.

يُذكر أن فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حينما قررت الدولة المصرية إنشاء صرح حضاري جديد يليق بمكانة مصر التاريخية. وفي عام 2002، تم وضع حجر الأساس للمتحف في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة، لتبدأ رحلة التنفيذ تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين.

وقد أُقيمت مسابقة معمارية دولية لاختيار أفضل تصميم للمتحف، فاز بها التصميم المقدم من شركة Heneghan Peng Architects الأيرلندية، الذي اعتمد على الدمج بين رمزية الأهرامات والهندسة الحديثة، لتكون النتيجة تحفة معمارية فريدة تُعد من أكبر المشروعات الثقافية في العالم.

بدأ العمل فعليًا في المشروع عام 2005، وتبع ذلك إنشاء أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط عام 2006، ليكون بمثابة القلب النابض للمتحف، حيث يجري فيه ترميم وحفظ القطع الأثرية قبل عرضها للجمهور. وتم افتتاح المركز فعليًا عام 2010، بينما اكتمل تشييد مبنى المتحف عام 2021 بمساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، تضم قاعات عرض ضخمة، ومناطق خدمية وترفيهية متكاملة.

ويُعتبر المتحف المصري الكبير أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، إذ يضم آلاف القطع النادرة التي تروي تاريخ مصر منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، من بينها كنوز الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، ومقتنيات الملكة حتب حرس، ومراكب الملك خوفو.

كما يحتوي المتحف على قاعات للعرض المؤقت، ومركز تعليمي ومتحف للأطفال، وسينما ومركز للمؤتمرات، إضافة إلى مناطق خضراء وحدائق، ومحال تجارية ومطاعم تقدم تجربة ثقافية متكاملة للزائرين.

ولضمان تقديم أفضل الخدمات، وقعت الدولة في أبريل 2021 عقدًا مع تحالف «حسن علام» لتقديم وتشغيل خدمات الزائرين، بمشاركة شركات مصرية ودولية متخصصة في الإدارة والضيافة والتسويق والجودة.

بهذا، لا يُعد المتحف المصري الكبير مجرد وجهة سياحية أو مشروع ثقافي، بل هو رسالة حضارية جديدة تؤكد أن مصر قادرة على الجمع بين الأصالة والتجديد، وبين الماضي والمستقبل، لتظل منارة للثقافة الإنسانية على مر العصور.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.